وقول المعتزلة: الصحابة عدولٌ إلا من قاتل علياً قولٌ باطل مرذول ومردود، وقد ثبت في صحيح البخاري -رحمه الله- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال عن ابن بنته الحسن بن علي، وكان معه على المنبر:((إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) وظهر مصداق ذلك في نزول الحسن لمعاوية عن الأمر بعد موت أبيه علي -رضي الله عنه-، فاجتمعت الكلمة على معاوية وسمي عام الجماعة، وذلك سنة أربعين من الهجرة، فسمى الجميع مسلمين، وقال تعالى:{وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [(٩) سورة الحجرات] فسماهم مؤمنين مع الاقتتال، ومن كان من الصحابة مع معاوية؟ يقال: لم يكن في الفريقين مائة من الصحابة، وعن أحمد: ولا ثلاثون، والله أعلم.
وجميعهم صحابة فهم عدولٌ كلهم، وأما طوائف الروافض وجهلهم وقلة عقلهم ودعواهم أن الصحابة كفروا إلا سبعة عشر صحابياً وسموهم فهو من الهذيان بلا دليلٍ إلا مجرد الرأي الفاسد عن ذهنٍ باردٍ وهوىً متبع، وهو أقل من أن يرد عليه، والبرهان على خلافه أظهر وأشهر، مما علم من امتثالهم أوامره بعده -عليه السلام-، وفتحهم الأقاليم والآفاق، وتبليغهم عنه الكتاب والسنة، وهدايتهم الناس إلى طريق الجنة، ومواظبتهم على الصلوات والزكوات وأنواع القربات في سائر الأحيان والأوقات، مع الشجاعة والبراعة والكرم والإيثار والأخلاق الجميلة التي لم تكن في أمةٍ من الأمم المتقدمة، ولا يكون أحدٌ بعدهم مثلهم في ذلك، ورضي الله عنهم أجمعين، ولعنَ الله من يتهم الصادق ويصدق الكاذبين، آمين يا رب العالمين.