يقول -رحمه الله تعالى-: "فرعٌ والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة" مذهب أهل السنة والجماعة الوسط في هذه الأمور، فهم يرتضون عن الصحابة، ويتولونهم كلهم خلافاً للروافض، كما أنهم يترضون عن الآل لا سيما من كان منهم على الهدى خلافاً للنواصب، فالصحابة صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن توافر فيه الحد السابق الذي عليه جماهير أهل العلم كلهم عدول، لا يجوز الطعن في أحدٍ منهم ولا واحد، ولو كان أقلهم شأناً، وليس معنى أنهم عدول .. ، عدول من حيث الديانة، وأما من حيث الضبط فهم متفاوتون، وليسوا بمعصومين من حيث الضبط، يخطئ الصحابي، قد يخطئ، وقد ينسى، وقد يحفظ، وأخبارهم في ذلك معروفة، ليسوا بمعصومين، لكنهم من حيث العدالة كلهم عدول، ومن قارف منهم شيئاً مما يعاب به ويذم فإن الله -سبحانه وتعالى- يكفره له بأعماله العظيمة، وبشرف صحبته للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ويوفقون مع ذلكم للتوبة، مستند ذلك أن الله -سبحانه وتعالى- أثنى عليهم في كتابه العزيز:{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [(٢٩) سورة الفتح] وفي سورة الحشر ذكرهم وذكر المهاجرين وأثنى عليهم، ثم ذكر الأنصار وأثنى عليهم، ثم ذكر من اقتدى بهم ممن أتى بعدهم، وترضى عنهم وترحم عليهم، "وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم"، والسنة مستفيضة في مدح الصحابة، ومدح ذلك الجيل الذين صحبوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا التفات إلى قولِ من قدح فيهم، ولا حظ له حينئذٍ من النظر، فنطقت السنة المستفيضة، بل المتواترة في مدح الصحابة في جمع أحوالهم وأخلاقهم وأفعالهم، قد بذلوا الأموال والأرواح، بذلوا مهجهم وأرواحهم وأنفسهم فداءً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فداءً لدينه بين يديه -عليه الصلاة والسلام- "رغبةً فيما عند الله -سبحانه وتعالى- من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل".