"قال: وروى أبو عمر حفص بن عمر الدوري المقرئ عن ابنه أبي جعفر محمد ستة عشر حديثاً ونحوها، فذلك أكثر ما وقع من رواية أبٍ عن ابنه" لكن رواية الأبناء عن الآباء صحائف -على ما سيأتي- فيها أحاديث.
"ثم روى الشيخ أبو عمرو عن أبي المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد عن أبيه عن ابنه أبي المظفر -المظفر السمعاني كما هو معروف- بسنده عن أبي أمامة مرفوعاً:((أحضروا موائدكم البقل فإنها مطردةٌ للشيطان مع التسمية)) " يقول: "سكت عليه الشيخ أبو عمرو" ولا ينبغي له أن يسكت؛ لأن هذا الحديث موضوع، هم يذكرون الأمثلة تحقق فيه، انطبق فيه المثال، لكن ما وراء هذا المثال؟ كون الخبر موضوع، لا ينبغي أن يعتنى به، إنما يذكر للتنبيه عليه، ولا بد من التنبيه على ذكر الخبر الموضوع، ومثله الضعيف، وقد كانوا في السابق يذكرون الإسناد ويبرأون من العهدة، لكن في العصور المتأخرة لا يكفي ذكر الإسناد، بل لا بد من التنصيص على وضعه، ولو قيل: إنه لا يكفي أن يقال: موضوع، بل لا بد أن تفسر كلمة موضوع؛ لأن كثيراً من الناس ما يفهموش معنى الموضوع، يقال: مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، زور وبهتان لم يقله النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وذكرنا مراراً الحافظ العراقي سئل عن حديث فقال: لا أصل له، باطل مكذوب، فانبرأ له شخص من العجم ينتسب إلى العلم، فقال له: يا شيخ كيف تقول: مكذوب وهو مروي بالسند إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟! فأحضره من كتاب الموضوعات لابن الجوزي، فتعجب من كونه لا يعرف موضوع الموضوع، على هذا الذي يخاطب عوام الناس لا بد أن يبين له بالأسلوب الذي يفهمونه، ولا يكفي أن يقول: موضوع، يمكن يتصور العامي أن كلمة موضوع شيء عظيم فوق صحيح مثلاً، وما يدريك؟ لأن العامة ما يفهموا مثل هذه الاصطلاحات، بل لا بد أن يبين لهم أن هذا مكذوب، ما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-.