وهناك قواعد يطلقها أهل العلم لا بد من تقييدها، مثل هذه القاعدة لا مشاحة في الاصطلاح، ومثل قولهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أحياناً يحتاج إلى خصوص السبب عند التعارض، ومثل قولهم: الخلاف شرط، هذه أمور يطلقونها ولا بد من تقييدها، لو تواطأ كثير من الناس على ارتكاب محرم تقول له: الخلاف شر أو ترك واجب تقول له: الخلاف شر، لكن ما يسعه فيه الخلاف نعم الخلاف شر، المقصود أن البغوي يشاحح في اصطلاحه؛ لأنه خالف ما تقرر في هذا العلم.
(صحة الإسناد لا يلزم منها صحة الحديث)
قال: والحكم بالصحة أو الحسن على الإسناد لا يلزم منه الحكم بذلك على المتن، إذ قد يكون شاذاً أو معللاً.
الحكم على السند لا يعني أو لا يلزم منه الحكم على المتن، فإذا حكمنا على إسناد بأنه ضعيف لا يلزم من ذلك ضعف المتن لوروده من طرق أخرى يرتقي بها، كما أننا إذا قلنا: هذا حديث صحيح الإسناد لا يلزم منه صحة المتن، لوجود المخالف مثلاً، المخالف الراجح، بحيث يكون شاذ أو منكر، أو يشتمل المتن على علة، هناك أحاديث جاءت بأسانيد صحيحة، لكنها أحاديث معلة.
والحكم للإسناد بالصحة أو ... بالحسن دون الحكم للمتن رأوا
لكن إن أطلقه من اعتمد قوله، قال الإمام أحمد: صحيح الإسناد، أو قال البخاري: الحديث صحيح الإسناد يقبل لأنه ما يتصور أن الإمام أحمد يصحح الإسناد وفي متنه علة ويسكت، أو البخاري أو إمام معتبر من أهل الحديث.
واقبله إن أطلقه من يعتمد ... ولم يعقبه بضعفٍ منتقد
نعم إذا كان آحاد الباحثين وأفرادهم ممن لا يدرك العلل، بل يحكم على ما بين يديه من الأسانيد لا يلزم منه لا الصحة ولا الضعف، نعم الإسناد الذي بين يديك صحيح، لكن متنه هل جمع جميع الطرق الحديث؟ والباب إذا لم تجمع طرقه لا يتبين خطؤه، حكم على الحديث بأنه ضعيف، قد يرد ويروى من طرق أخرى ينجبر بها فيكون المتن حينئذٍ صحيحاً.
(قول الترمذي حسن صحيح)
قال: وأما قول الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، فمشكل؛ لأن الجمع بينهما في حديث واحد كالمعتذر، فمنهم من قال: ذلك باعتبار إسنادين حسن وصحيح.
قلت: وهذا يرده أنه يقول في بعض الأحاديث: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه،