داود الظاهري وبعض المتكلمين قالوا: لا، حتى ينقل لنا اللفظ النبوي، احتمال أن يسمع الصحابي كلام يظنه أمر أو نهي وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، نقول: هذا كلام مردود؛ لأن الصحابة هم أعرف الناس بمدلولات الألفاظ الشرعية، إذا لم يعرفوا هذه الألفاظ من يعرفها بعدهم؟ وهم أورع وأتقى لله -سبحانه وتعالى- من أن يزعموا شيئاً أو يعبروا عن شيءٍ لم يفهموه عنه -عليه الصلاة والسلام-، إذا قال الصحابي:"من السنة" كقول ابن عمر للحجاج: "إذا أردت السنة فهجر" ونقل الشافعي عن ابن عباس: إنهم إنما يريدون بالسنة سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا قال الصحابي: من السنة فلا شك أنه يريد بذلك السنة النبوية.
قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ
تفسير الصحابي يرى الحاكم أنه مرفوع، وعزاه للشيخين البخاري ومسلم في المستدرك في الجزء الثاني صفحة (٢٥٨، ٢٦٣) في مواضع كثيرة يزعم الحاكم أن مذهب الشيخين البخاري ومسلم أن تفسير الصحابي له حكم الرفع، إذا فسر الصحابي آيةً ولم يصرح برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول الحاكم: هذا مرفوع، لما عرف واستفاض من التحذير من التفسير بالرأي، ولا يتصور أن الصحابة يفسرون القرآن بآرائهم، لكن أهل العلم حملوا ذلك على أسباب النزول، كقول جابر -رضي الله عنه-: "كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله -عز وجل-: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} [(٢٢٣) سورة البقرة] أما تفاسير الصحابة وفهمهم للقرآن لا سيما وأن من القرآن ما يدرك باللغة، ومنه أيضاً ما يدرك بالاجتهاد لا سيما في الأحكام، هل نقول: أن هذا كله مرفوع؟ لا.
وعُد ما فسره الصحابي ... رفعاً فمحمول على الأسبابِ
نعم أسباب النزول إذا قال الصحابي: هذه الآية نزلت بسبب كذا له حكم الرفع لماذا؟ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- طرف في الوجود، يعني هو الذي ينزل عليه القرآن، ولذا حمل أهل العلم قول الحاكم هذا على أسباب النزول.
وعُد ما فسره الصحابي ... رفعاً فمحمول على الأسبابِ