أما إذا قال الراوي عن الصحابي: يرفع الحديث، عن سعيد عن أبي هريرة يرفعه، ينميه، يبلغ به، رواية، فهو عند أهل الحديث من قبيل المرفوع الصحيح، الصحابي يرفع الحديث إلى من؟ هل هناك أحد غير الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ لا أحد، يبلغ به إيش؟ لا بد وأن يكون المرفوع إليه والمبلغ عنه هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- فهو عند أهل الحديث من قبيل المرفوع الصريح بالرفع، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله- تعالى:
وقولهم يرفعه يبلغ بهْ ... روايةً ينميه رفعٌ فانتبهْ
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة يبلغ به:((الناس تبع لقريش)) وفي الصحيحين عنه رواية: ((تقاتلون قوماً صغار الأعين)) والأمثلة على ذلك كثيرة، ومثله لو قال التابعي: عن أبي هريرة رده إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذه صيغة من صيغ الأداء النادرة، وهي موجودة في صحيح مسلم.
إذا قال ذلك التابعي أو قيل ذلك بعد التابعي: عن ابن سيرين يرفعه، عن ابن سيرين يبلغ به، عن الحسن رواية، منهم من يقول أنه مرفوع أيضاً لكنه مرسل؛ لأنه لم يذكر فيه الصحابي الرفع عن التابعي عنه -عليه الصلاة والسلام- فهو من قبيل المرسل، ومنهم من يقول: يحتمل أن يكون رفعه إلى الصحابي فيكون موقوفاً، وعلى كل حال سواء قلنا: أنه مرفوع مرسل، أو موقوف ينظر في اتصال إسناده من طرق أخرى، أو في رفعه فيكون حينئذٍ إن وجد مرفوع صراحةً فيه تعارض الوقف مع الرفع على ما سيأتي، أو تعارض الوصل مع الإرسال، وكل ذلك سيشار إليه فيما بعد -إن شاء الله تعالى-.