للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انّ خلاصة قول البابا يمكن إجمالها في أنّ النصرانية اليوم تتفتت وتتشظّى وتترف ذاتيها وتتكسر حدودها لتنساب الأصول اللاهوتية في مسارات جديدة ومسارب بعيدة، ولا يمكن التخمين بنهايتها، بل لا يمكن ضبط أصولها ومنابعها!

كما يعتبر كتاب البابا السابق نفسه، علامة على الحال البئيسة التي آلت إليها النصرانية، حيث كتب البابا مدخلا للنصرانية ضمّنه تفسيرا لعقيدة الإيمان النيقوي بأسلوب هلامي ونفس سفسطي يجعل القارئ يقطع أنّ هذا" المدخل" لم يكتب كمنفذ إلى النصرانية وإنما هو محاولة لمنطقة" المستحيل" بلا منطق، بل بأسلوب القفز المحموم الذي لا يمكن متابعته أو تعقّله.. إنّه كتاب يكشف حقا، سقوط الإيمان النصراني، بما فيه إلوهية المسيح المزعومة!

ذكر الكاردينال دانييلو (الكاردينال مرتبة مباشرة بعد البابا) في بحث نشره في مجلة" دراسات" سنة ١٩٦٧ م أنّ الجماعة المسيحية الأولى والمسماة في أيامنا ب" اليهودية- المسيحية"، والتي كانت إلى سنة ٧٠ م تمثّل غالبيّة أتباع المسيح، كانت تعتقد بشرية المسيح، وأنّ" بولس ظلّ معزولا". وكان يعقوب هو الرئيس وكان معه في البداية بطرس ويوحنا.

إنّ الأناجيل الكنسيّة نفسها لا تقرّر ربوبية- إلوهية ابن مريم عليهما السلام، ويكفي أن نستشهد في هذا السياق بقول لأحد رؤوس النصرانية فهو السيف الذي يمزّق ادعاءات المنصّرين: فقد قال يوحنا الدمشقي (٦٧٦ م- ٧٤٩ م) - وهو يعدّ أوّل رؤوس النصرانية الطاعنين في الإسلام حتى اعتبره الدكتور البدراوي زهران من رواد الاستشراق- وهو صاحب كتاب" محاورة مع مسلم" وكتاب" إرشادات النصارى في جدل المسلمين"، قال في ردّه على طوائف من النصارى أنكروا وضع الأيقونات في الكنائس لعدم ذكر جواز هذا الأمر في" الكتاب المقدس"، إنّ إلوهية المسيح لا يوجد لها ذكر هي أيضا في" الكتاب المقدس". ومع ذلك فالنصارى يعتقدون وجود

<<  <   >  >>