للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو قدّر أن هذا ليس في الكتب الموجودة، لم يلزم أن المسيح ومن قبله لم يذكروه، بل يمكن أنهم ذكروه وما نقل، ويمكن أنه كان في كتب غير هذه، ويمكن أنه كان في نسخ غير هذه النسخ فأزيل من بعضها ونسخت هذه مما أزيل منه، وتكون تلك النسخ التي هو موجود فيها غير هذه، فكل هذا ممكن في العادة لا يمكن الجزم بنفيه.

فلو قدر أنه ليس في هذه الكتب الموجودة اليوم بأيدي أهل الكتاب، لم يقطع بأن الأنبياء لم يبشروا به، فإذا لم يمكن لليهود أن يقطعوا بأن المسيح لم يبشر به الأنبياء، ولا يمكن أهل الكتاب أن يقطعوا بأن محمدا لم يبشر به الأنبياء، لم يكن معهم علم بعدم ذلك، بل غاية ما يكون عند أحدهم ظن لكونه طلب ذلك فلم يجده.

ودلائل نبوة المسيح ومحمد قطعية يقينية لا يمكن القدح فيها بظن فإن الظن لا يدفع اليقين، لا سيما مع الآثار الكثيرة المخبرة بأن محمدا كان مكتوبا باسمه الصريح فيما هو منقول عن الأنبياء، كما في صحيح البخاري أنه قيل لعبد الله بن عمرو، أخبرنا ببعض صفة رسول الله في التوراة، فقال إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: " يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وحرزا للأميين. أنت عبدي ورسولي. سميتك المتوكل. لست بفظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق، ولا تجزي بالسيئة السيئة، ولكن تجزي بالسيئة الحسنة، وتعفو وتغفر. ولكن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء، فأفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، بأن يقولوا لا إله إلا الله".

ولفظ التوراة والإنجيل والقرآن والزبور قد يراد به الكتب المعينة، ويراد به الجنس، فيعبر بلفظ القرآن عن الزبور وغيره، كما في الحديث الصحيح عن النبي، خفف على داود القرآن، فكان ما بين أن تسرج دابته إلى أن يركبها يقرأ القرآن.

والمراد به قرآنه، وهو الزبور، ليس المراد به القرآن الذي لم ينزل إلا على محمد.

<<  <   >  >>