للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زمن ما يسمى باعتناق قسطنطين الكبير النصرانية، فلن تعثر على شيء سوى أهوال الاضطهادات العشرة الشهيرة.

أما القرن الصغير الذي طلع بين القرون العشرة، فهو إمبراطور يظهر للوجود بعدهم، وينافسه على السلطة ثلاثة أباطرة، وهذا القرن الصغير هو الإمبراطور قسطنطين.. وقد عاشت الإمبراطورية الرومانية في عهده صراعا مريعا بين أربعة متنافسين، وكان قسطنطين واحدا منهم، وكانوا كلّهم يتصارعون من أجل اللباس الأرجواني (الإمبراطوري) ، ومات الثلاثة الآخرون في المعركة، وبقي قسطنطين وحده حاكما على الإمبراطورية الضخمة وليس باستطاعة أحد اختراع أربعة متنافسين بعد الاضطهادات الأربعة للكنيسة إلا قسطنطين وأعدائه الذين تساقطوا أمامه كما تساقطت القرون الثلاثة أمام القرن الصغير.

وحتى تزداد وثوقا أنّ القرن الصغير مخالف للآخرين، فهو وحش مخيف ولكن له فم وعينان، أي يملك المنطق والقدرة على الكلام:

هذا القرن له فم متكلّم بعظائم.

هذا القرن اضطهد قدّيسي العلي.

هذا القرن يظنّ أنّه يغيّر الأوقات والسنة.

هذا القرن أعلن الحرب على أولياء الله لمدة (الزمن أو العصر والعصور والأزمان ونصف الزمن) أي ثلاثة قرون ونصف قرن.

هذه الصفات الخمس تنطبق بصورة دقيقة على قسطنطين، فقسطنطين هو الذي كان يملك المنطق والقدرة على الكلام، بل والكلام الذي غيّر مجرى التاريخ. وهو الذي حرّف النصرانية ونقلها من الوحدانية إلى الشرك فكان بذلك متكلما بكلام

<<  <   >  >>