للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" المدينة" هي التي خرج إليها محمد صلى الله عليه وسلّم" هاربا" بدعوته المستضعف أهلها من طرف أهل مكّة (بني قيدار) إلى قوم ذوي منعة آمنوا به وصدّقوا خبره (أهل تيماء) ، أعطوه صفقة أيديهم وثمرة أفئدتهم والسمع والطاعة المطلقتين في المنشط والمكره (خبزه) - الهروب هنا يقصد به الخروج سرا من بين أظهر الظالمين حذر طغيان الظالمين والتحاقا بطائفة الحقّ لقيادتها إلى خيري الدنيا والآخرة لا الفرار جزعا وفرقا من بطش الجبارين للنجاة بالنفس!

محمد صلى الله عليه وسلّم هو الذي عاد بعد عام من" هجرته"، وقد قابله" أبناء قيدار" في موقعة" بدر" وانهزموا أمامه وهم الذين كانوا يحملون الأقواس وقد فنى مجدهم الجاهلي، ليبدأ مجد المسلمين بتعدد أجناسهم وأعراقهم.

جاء في سفر حبقوق ٣: ٣ أنّ" الله" قد أقبل من" تيماء" المدينة، في حين جاء القول أنّ" القدّوس" أي الرجل الصالح، قد جاء من جبل مكة- جبل النور الذي فيه غار حراء-، والمغايرة هنا بين" الله" و" القدوس" سببها أنّ تترّل الرسالة على" القدّوس" محمد صلى الله عليه وسلم كان في غار حراء وكانت تلك الفترة المكية التي استمرت ١٣ سنة، سنوات استضعاف ومحاصرة من طوائف الكفر لدعوة الهداية للتوحيد، فما ظهرت آثار الرسالة في تلك الفترة على الصورة المراد لها لتكاتف المبطلين على التنكيل بضعاف مكة الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلّم، وما أشرقت الرسالة على أرجاء الأرض إلا في المدينة" تيماء" حيث ظهر أمر" الله".. فما أجمل هذه النبوءة الحبقوقية!!!

ولا يملك النصارى أن يظهروا اعتراضا على هذه النبوءات المتلاحمة الظاهرة المعنى لما في هذه النصوص من تحديد لأماكن لم يطأها المسيح عليه السلام وإنما عاش فيها محمد صلى الله عليه وسلّم!

<<  <   >  >>