للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكعبي «١» » ، وكان عينا له فقال: يا رسول الله، هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ «٢» المطافيل «٣» ، ولبسوا جلود النمور، وقد نزلوا ب «ذي طوى «٤» » ، يعاهدون الله لا تدخلنها عليهم أبدا، فقال عليه السلام: «من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم؟» فقال رجل من أسلم «٥» : أنا يا رسول الله. فسلك بهم طريقا وعرا بين شعاب حتى أفضى إلى أرض سهلة، وسار- عليه السلام- حتى إذا سلك في ثنية «٦» المرار، فهبط الحديبية «٧» من أسفل مكة بركت ناقته؛ فقال الناس:


(١) و «بسر بن سفيان» - بالسين المهملة- هو قول ابن هشام كما في (السيرة النبوية) ٤/ ٢٥. ويقال- بالشين المعجمة-، وهو قول الزهري، ذكره ابن هشام في المصدر السابق ٤/ ٢٥.
(٢) و «العوذ المطافيل» - بضم العين المهملة فواو ساكنة فذال معجمة- جمع عائذ، والمراد بها الناقة ذات اللبن و «المطافيل» «المراد بها الأمهات اللاتى معهن أطفالهن؛ يريد أنهم خرجوا بذوات الألبان؛ ليتزودوا ألبانها، ولا يرجعوا حتى يمنعوه. أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال، والمراد خرجوا معهم نساؤهم وأولادهم لإرادة طول المقام؛ وليكون أدعى إلى عدم الفرار ... » اه-: سبل الهدى والرشاد للصالحي ٥/ ٨.
(٣) قوله: «قد لبسوا جلود ... » كناية على شدة الحقد والغضب تشبيها بأخلاق النمور. وقيل: «هو مثل يكنى به عن إظهار العداوة والتنكير ويقال للرجل الذي يظهر العداوة: لبس جلد نمر» اه-: سبل الهدى.
(٤) «ذي طوى» - بتثليث الطاء المفتوحة- والفتح أشهر: واد بمكة.
(٥) والرجل الذي من أسلم هو «بريدة بن الحصيب» . روى البزار بسند رجاله ثقات: عن أبي سعيد الخدري «ومحمد بن عمر» عن شيوخه قالوا: «لما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «تيامنوا في هذا العصل» . وفى رواية «اسلكوا ذات اليمين بين ظهور الحمض؛ فإن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة كره رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يلقاه وكان بهم رحيما، فقال: «تيامنوا فأيكم يعرف ثنية الحنظل» ؟ «فقال بريدة: أنا يا رسول الله عالم بها. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «اسلك أمامنا» .: فأخذ بريدة في «العصل» - قبل جبال سرواع قبل المغرب- فو الله ما شعر بهم خالد ... فمسك بهم «بريدة» طريقا وعرا ... بين شعاب ... » اه-: سبل الهدى والرشاد ٥/ ٣٨.
(٦) «ثنية المرار» قال عنها الإمام ياقوت الحموي في كتابه (المشترك وضعا المفترق صقعا) ص ٨٩- ٩٠: «الثنية: اسم جنس يكثر جدا ... ولا يعرف ما أضيفت إليه إلا بذكرها، والأصل: كل فج في جبل يخرجك إلى فضاء. وقيل: لا تسمى ثنية حتى تكون مسلوكة. وثنية المرار ذكرها مسلم في صحيحه في حديث «أبي معاذ» - بضم الميم- وشك في ضمها وكسرها- أي: كسر الميم- في حديث «أبي حبيب الحارثى» ... اه-: المشترك ... وانظر: (سبل الهدى والرشاد) للصالحي ٥/ ٨٤.
(٧) «الحديبية» تقع في طرف الحرم على تسعة أميال من مكة فال ذلك ابن سعد في الطبقات ٢/ ٦٩.

<<  <   >  >>