للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجزالتها، / ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونقها «١» ، فلما فصلته «حليمة» قدمت به هي وزوجها «الحارث» ومن كان معهما على أمه، وهم أحرص شيء على مكثه فيهم لما يرون من بركته «٢» صلى الله عليه وسلّم، فكلموا أمه في ذلك، ففعلت فرجعت به «حليمة» إلى أهلها.


- ٣- (الجامع الصغير) للسيوطي مع شرحه (فيض القدير) للمناوي (٣/ ٤٤) . ٤- (السيرة النبوية) لابن هشام مع (الروض الأنف) للسهيلي (١/ ١٩٢) . ٥- (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي (٢/ ٣٦٤) . ٦- (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين) للإمام/ الزبيدي (٧/ ١١٢) . ٧- (كشفإ لخفاء ومزيل الإلباس ... ) للعجلوني (١/ ٢٣٢) .
(١) حول إرضاع نساء قريش لأولادهن في البادية يقول الإمام/ السهيلي في (الروض الأنف) (١/ ١٨٧- ١٨٨) تحت عنوان: «الأسباب الدافعة للاسترضاع» : «وأما دفع قريش وغيرهم من أشراف العرب أولادهم إلى المراضع فقد يكون ذلك لوجوه: أولا: تفريغ النساء إلى الأزواج، كما قال «عمار بن ياسر» لأم سلمة رضي الله عنها- وكان أخاها من الرضاعة- حين انتزع من حجرها «زينب بنت أبي سلمة» فقال: دعي هذه المقبوحة المشقوحة التي آذيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ثانيا: وقد يكون ذلك منهم أيضا لينشأ الطفل في الأعراب، فيكون أفصح للسانه، وأجلد لجسمه، وأجدر ألا يفارق الهيئة المعدية كما قال «عمر» رضي الله عنه: «تمعددوا وتمعززوا- اشتدوا- واخشوشنوا ... » ، وقد قال عليه السلام ل «أبي بكر» حين قال له: ما رأيت أفصح منك يا رسول الله! فقال: «وما يمنعني وأنا من قريش وأرضعت في بني سعد؟» فهذا كله ونحوه كان يحملهم على دفع الرضعاء إلى المراضع الأعرابيات» اه/ الروض الأنف.
(٢) حول بركته صلى الله عليه وسلّم عند ما أخذته «حليمة» يقول ابن إسحاق وغيره: «قالت- يعني حليمة: «فلما أخذته رجعت به إلى رحلي فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي، وشرب معه أخوه حتى رويا، ثم ناما، وكنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا- ناقتنا- تلك، فإذا إنها لحافل، فحلب منها ما شرب وشربت معه، حتى انتهينا ريّا وشبعا، فبتنا بخير ليلة» . قالت: يقول صاحبي حين أصبحنا: «تعلمي والله يا حليمة: لقد أخذت نسمة مباركة» . قالت: «فقلت: والله إني لأرجو ذلك» . قالت: «ثم خرجنا وركبت أتاني- حماري- وحملته عليها معي، فو الله لقطعت بالركب ما يقدر عليه شيء من حمرهم، حتى إن صواحبي ليقلن لي: يا بنة أبي ذؤيب ويحك! أربعي علينا، أليست هذه أتانك التي خرجت عليها؟! فأقول لهن: بلى والله، إنها لهي هي، فيقلن: والله إن لها لشأنا. قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد. وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمي تروح عليّ حين قدمنا به شباعا-

<<  <   >  >>