للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فلمّا شب صلى الله عليه وسلّم) أي: صار غلاما جفرا- والجفر «١» - الغليظ الشديد- ويقال:

هو الصبي ابن أربعة أعوام أو نحوها، (وسعى) أتاه «٢» وهو عندهم: ملكان أو ثلاثة، وهو مع أتراب «٣» له من الصبيان، فاختطفاه من بينهم وأضجعاه، وشقا صدره «٤» ، وهم


- لبنا فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب. فتروح أغنامهم ما تبض بقطرة لبن، وتروح غنمي شباعا لبنا، فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته- أي فطمته- وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا» اه: السيرة النبوية للإمام/ ابن هشام مع (الروض الأنف) (١/ ١٨٥- ١٨٦) . وحول بركته انظر أيضا: المصادر والمراجع الاتية: أ- (الطبقات الكبرى) للإمام/ ابن سعد (١/ ١١٢) ذكر من أرضع الرسول صلى الله عليه وسلّم ... إلخ؟. ب- (تاريخ الطبري- تاريخ الرسل والملوك-) للإمام/ محمد بن جرير الطبري (٢/ ١٥٨- ١٦٠) . ج- (الثقات) للإمام/ ابن حبان (١/ ٣٨- ٣٩) . د- (أعلام النبوة) للإمام/ أبي الحسن البصري الماوردي، ص (٢٢٧- ٢٢٨) .
(١) و «الجفر» زيادة على ما ذكره المؤلف نذكر ما قاله ابن الأثير في (النهاية) فيقول: «جفر في حديث حليمة ظئر النبي صلى الله عليه وسلّم قالت: «كان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر، فبلغ ستّا وهو جفر» ، استجفر الصبي إذا قوي على الأكل وأصله في أولاد المعز إذا بلغ أربعة أشهر، وفصل عن أمه، وأخذ في الرعي قيل له: «جفر» ، والأنثى جفرة» اه/ النهاية/ جفر.
(٢) حول قوله: « ... أتاه ملكان أو ثلاثة ... إلخ» : الملكان هما: جبريل، وميكائيل كما في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبراني. والثالث: من الجائز أن يكون إسرافيل. وفي (صحيح مسلم بشرح النووي) باب الإسراء (٢/ ٢١٧) : « ... أنه جاءني ثلاثة نفر ... » وفي (سبل الهدى والرشاد) للصالي (١/ ٣٨٨) ... «إذ أتاني رهط ثلاث» . وانظر: تاريخ الطبري (٢/ ١٦١) .
(٣) و «الأتراب» : جمع ترب، وهو المماثل في السن.
(٤) اختلف العلماء في حادث شق الصدر لرسولنا صلى الله عليه وسلّم فقال بعضهم: «الشق تم مرة واحدة، وهو عند ظئره «حليمة» لأن الهدف هو إخراج حظ الشيطان وحظه لا يتكرر» . وقال بعضهم: «وقع الشق مرتين: الأولى: وهو عند حليمة. والثانية: «ليلة الإسراء» واستدلوا لهما بحديثي أنس عند الإمام/ مسلم في صحيحه: الحديث الأول: أخرجه في صحيحه (باب الإسراء، وفرض الصلوات) (٢/ ٢١٦) بلفظ: عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أتاه جبريل عليه السلام. وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال: -
- «هذا حظ الشيطان ... إلخ» اه/ صحيح مسلم بشرح النووي. الحديث الثاني: أخرجه الإمام/ مسلم في صحيحه [الباب السابق ٢/ ٢١٧- ٢١٨] بلفظ: عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر- رضي الله عنه- يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل- عليه السلام- ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغهما في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء ... » اه/ صحيح مسلم بشرح النووي. وقال فريق آخر: «الشق تم ثلاث مرات ذكروا المرتين السابقتين، وزادوا مرة ثالثة تمت بغار (حراء) مستدلين بحديث «عائشة- رضي الله عنها- الذي أخرجه أبو نعيم، والبيهقي في دلائلهما، والطيالسي، والحارث ابن أبي أسامة في مسنديهما. والحكمة فيه: زيادة الكرامة ليتلقى ما يوحى إليه بقلب قوي، في أكمل الأحوال من التطهير» اه: المواهب اللدنية مع شرحها (١/ ١٥٣) . وقال فريق آخر: الشق تم أربع مرات: منها حينما كان عمره صلى الله عليه وسلّم عشر سنين وأشهرا، واستدلوا بحديث «عبد الله بن أحمد» في زوائد المسند- مسند محمد بن أبي بن كعب (٥/ ١٣٩) بلفظ: عن محمد بن أبيّ بن كعب، أن أبا هريرة- رضي الله عنه- كان حريّا أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن أشياء لا يسأله عنها غيره فقال يا رسول الله: ما أول ما رأيت من أمر النبوة؟! فاستوى جالسا، وقال: «لقد سألت يا أبا هريرة: إني لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر، وإذا بكلام فوق رأسي، وإذا بوجوه لم أرها لخلق قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأخذهما مسّا، فقال أحدهما لصاحبه: «أضجعه» . فأضجعاني بلا قصر ولا هصر، فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره. فهوى أحدهما إلى صدري ففلقها- فيما أرى- بلا دم ولا وجع، فقال: «الغل والحسد» فأخرج شيئا كهيئة العلقة، ثم نبذها فطرحها فقال له: «ادخل الرحمة والرأفة» . فإذا مثل الذي أخرج شبيه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال: «اغد أسلم» . فرجعت بها أغدو بها رأفة على الصغير ورحمة على الكبير» . وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد كتاب علامات النبوة، باب في أول أمره وشرح صدره [٨/ ٢٢٥] . رواه عبد الله بن أحمد، ورجاله ثقات، وثقهم ابن حبان» اه: مجمع الزوائد. وعزا الزرقاني في (شرح المواهب) (١/ ١٥٣) الحديث إلى أبي نعيم في (الدلائل) ، إلى ابن حبان، وابن عساكر، والضياء في (المختارة) : عن أبي بن كعب. اه/ (المواهب) . وذكر القسطلاني والزرقاني في (المواهب) وشرحها (١/ ١٥٣) : «الشق مرة خامسة، وهو ابن عشرين سنة فيما قيل، ولم تثبت» اه: المواهب وشرحها. الحكمة في شق صدره الشريف: قال الإمام القسطلاني في (المواهب اللدنية) (١/ ١٥٣- ١٥٤) : «والحكمة في شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلّم في حال صباه، وهو عند ظئره تطهيره عن حالات-

<<  <   >  >>