للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينظرون، فلما علمت بذلك «حليمة» ردته «١» مع زوجها إلى أمه، فقالت لها: ما ردكما به يا ظئر «٢» ، فقد كنتما عليه حريصين؟!

فقالت: نخشى الإتلاف والأحداث، فقالت: ماذا لي بكما، أصدقاني شأنكما؟ فأخبرتها بخبره، وما وقع له من شق الصدر، فقالت: أخشيتما عليه؟! كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل؟ والله إنه لكائن لا بني هذا شأن. قالت حليمة؛


- الصبا حتى يتصف في سن الصبا بأوصاف الرجولة؛ ولذلك نشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان وغيره، وخلقت هذه العلقة لأنها من جملة الأجزاء الإنسانية، فخلقت تكملة للخلق الإنساني ... ونزعها كرامة ربانية طرأت بعد، فإخراجها بعد إخراجها أدل على مزيد الرفعة، وعظيم الاعتناء والرعاية من خلقه بدونها، قاله العلامة السبكي. وقال غيره: «لو خلق سليما منها لم يكن للادميين اطلاع على حقيقته، فأظهره على يد جبريل ليتحققوا كمال باطنه، كما برز لهم مكمل الظاهر» اه/ المواهب مع شرحها. وقال جمال الدين محمد الأشخر، اليمني شارح كتاب (بهجة المحافل وبغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل) (١/ ٤٣) : «قلت: الحكمة في تكرير الشق أربعا: أن الشق إنما هو لإذهاب حظ الشيطان منه، وقد علم من صحيح الحديث جريانه من ابن آدم مجرى الدم من العروق، والدم يستمد من الطبائع الأربع، فقطع في كل مرة من مرات الشق من طبيعته ... إلخ» اه: بهجة المحالف ... مع شرحها. طبع دار صادر. بيروت.
(١) حديث رد «حليمة» - رضي الله عنها- رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأمه: ذكره الإمام/ ابن إسحاق كما في (السيرة النبوية) لابن هشام (١/ ١٨٨) فقال: «قالت: وقال أبوه: «يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب- بعد حادثة شق الصدر- فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به» . قالت: «فاحتملناه فقدمنا به على أمه، فقالت: ما أقدمك به يا ظئر وقد كنت حريصة عليه، وعلى مكثه عندك؟» قالت: «فقلت: قد بلغ الله به وقضيت الذي عليّ، وتخوفت الأحداث عليه فأديته إليك كما تحبين» . قالت: «ما هذا شأنك فأصدقيني خبرك؟» قالت: «فلم تدعني حتى أخبرتها» . قالت: «أفتخوفت عليه الشيطان؟» قالت: «قلت: نعم» . قالت: «كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لا بني لشأنا، أفلا أخبرك خبره؟ قالت: «قلت: بلى» . قالت: رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء قصور بصرى من أرض الشام ... إلخ» اه: السيرة النبوية لابن هشام. وانظر: (أعلام النبوة) للإمام/ أبي الحسن الماوردي ص ٢٢٨- ٢٢٩.
(٢) و «الظئر» «المرضعة غير ولدها، ويقع على الذكر والأنثى ... إلخ» اه: (النهاية في غريب الحديث) للإمام/ ابن الأثير.

<<  <   >  >>