للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما فيه نص, أي أنه لا بد أن يقع محل الشورى خارج إطار النص الشرعي وليس مضاداً له ولا معاكساً، فإنه لو كان أمراً من عند الله لما كان هناك من موجب للتشاور, لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (١).

٧) أن مخالفة ولي الأمر في الأمور الإجتهادية عند الاستشارة في الرأي لا ضير منه, لأن المستشار يجب أن يقول رأيه بكل أمانة وصدق, فالمستشار مؤتمن وقد أشار السعدان بما رأيا فيه مصلحة فأخذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم به.

٨) أن تنازل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن رأيه وأخذه برأي السعدين ومحو الصحيفة يدل دلالة واضحة أن الشورى في الأمور الاجتهادية ملزمة وليست معلمة.

٩) أن محو ما في الصحيفة من قبل سعد بن معاذ رضي الله عنه وإقراره صلوات الله وسلامه عليه على ذلك يدل على أن رئيس الدولة أو الخليفة أو الملك ليس له أن ينفرد برأيه ويصدر قرارات في أمور تتعلق بمصير الأمة وأموالها ومستقبلها دون مشاورة، وقد قال الشيخ محمود شلتوت رحمه الله: وهذه الحادثة تضع تقليداً دستورياً هاماً, وهو أن الحاكم ولو كان رسولاً معصوماً يجب عليه أن لا يستبد بأمر المسلمين وأن لا يقطع دون رأيهم في شيء هام وأن لا يعقد معاهدة تلزم المسلمين بأي التزام دون مشاورتهم وأخذ آرائهم فإن فعل كان للأمة حق إلغاء كل ما استبد به من دونهم وتمزيق كل معاهدة لم يكن لهم فيها رأي. (٢) قلت والحكمة في ذلك أن المعاهدات ربما اشتملت على أمر فيه ضرر يلحق بالأفراد فكان لا بد لإبرامها من موافقة نواب الشعب وأهل الشورى والاختصاص، ولا مشاحة في أن المصادقة على الاتفاقات والمعاهدات وعقد الإتفاقيات مناط بولي الأمر كما هو الحال في السيرة النبوية غير أن تفرد ولي الأمر دون مشاورة في ذلك هو محط الإشكال.


(١) - الآية ٣٦ من سورة الأحزاب.
(٢) - انظر في توجيهات الإسلام للشيخ محمود شلتوت - الناشر دار الشرق - القاهرة - طبع مؤسسة دار الشعب. والشورى في غزوات الرسول للدكتور محمد عبدالقادر أبو فارس - الناشر المكتبة الوطنية ص ٣٩.

<<  <   >  >>