أن معظم المفسرين قالوا إن الأمر في الآية ليس من نوع الأمر الواجب إنما مراده الندب, لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المؤيد بالوحي ليس بحاجة إلى الشورى, وقد أغناه الله عن ذلك بتسديد خطاه وتوفيقه للصواب وتعلل أسباب نزول هذه الآية بأنها للاستحباب واستجلاب قلوب المؤمنين وليقتدي المؤمنين بصنيعه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من بعده ويصير سنة متبعة, وللرد على هذا الاعتراض يقول الدكتور محمد أبو فارس في كتاب حكم الشورى في الإسلام ونتيجتها أن القول بأن معظم المفسرين قالوا أن الأمر في قوله تعالى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) ليس من نوع الأمر الواجب وإنما مرده إلى الندب ليس صواباً ولا دقيقاً فإن القارئ لكتب التفسير قلما يجد أن مفسراً يقول: أن الأمر للندب, وأن جماهير العلماء يقولون بوجوب الشورى اعتماداً على قوله تعالى (وَشَاوِرْهُمْ) إذ الأمر يدل على الوجوب ما لم ترد قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب بل جاءت القرائن والتطبيقات العملية لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه تفيد الوجوب, ثم إن القول أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مؤيد بالوحي وليس في حاجة إلى الشورى ليس صحيحاً على إطلاقه ذلك لأن القضية لا تعدو أمرين:
الأول: أن تكون القضية من أمور التشريع وهذا خارج عن موضوع المسألة .. (فأمور التشريع المنصوص عليه لا نقاش فيه, وما لم يرد فيه نص فإنه يجب الرجوع إلى طرق الإستنباط المعروفة بضوابطها وسبق وأن أشرنا إلى ذلك).
الأمر الثاني: حين تكون القضية ليس موحى بها ولا نص ورد في الكتاب والسنة يتضمن الحكم بها فالرسول بحاجة إلى آراء الناس ومشورتهم, ولهذا كان يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أشيروا عليَّ أيها الناس) , وكان يستفيد من هذه الآراء فيأخذ بها ويذر رأيه, ثم أن تعليل الشورى بأنها تجلب قلوب المؤمنين ولكي يقتدي المسلمون بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بصنيعه ويصير سنة أن هذه الأمور وأشباهها تأتي في حكم الشورى وفوائدها وليست علة لها ولو سلمنا جدلاً أن هذه الحِكَم