للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إسناد وظائف الدولة الأخرى فهي تختلف باختلاف هذه الوظائف، فطريق تولي وظائف الدولة المهمة كالوزارات وقيادة الجيوش ورئاسة الوحدات الإدارية تختلف عن طريق تولية رئيس الدولة وأعضاء المجالس النيابية، والاختلاف في الطريقة يرجع إلى اختلاف طبيعة تلك الوظائف فمنصب رئيس الدولة قلنا أنه يختار من قبل الأمة لأنه ينوب عنها أو أنه وكيلها في إدارة شؤونها لتنفيذ ما هي مكلفة به شرعاً فكانت الأمة هي صاحبة الحق في اختيار الرئيس أو الإمام أو الحاكم أو الملك أو السلطان ليزاول ما تملكه من سلطة نيابة عنها.

أما منصب الوزارة ورئاسة الوحدات الإدارية فهي وظائف معاونة لرئيس الدولة ومساعدة له في مسؤوليات الحكم وحمل تبعاتها, فكان من يعيّن من يشغل هذا المنصب من حق من ينوب عن الأمة (الحاكم، الرئيس، السلطان) أو من ينيبه في ذلك، ونستعرض هنا ما قاله الماوردي في الأحكام السلطانية فهو يقول: (إنما وكل إلى الإمام من تدبير الأمة لا يقدر على مباشرة جميعه إلا باستنابة، ونيابة الوزير المشارك له في التدبير أصح في تنفيذ الأمور من تفرده به ليستظهر بها على نفسه وبها يكون أبعد من الزلل وأمنع من الخلل) (١).

قلت والوزارة مشروعة فذو الولاية العامة لا يستطيع أن يدير شؤون الدولة بمفرده، وقد جاء في كتاب الله عز وجل على لسان موسى (واجعل لي وزيراً من أهلي) (٢) , وأخرج أبو داود في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه) (٣) , ما ذلك إلا لأن مسؤولية ولي أمر الأمة جسيمة فهو يتعين عليه رعاية مصالح الأمة وإدارة شؤون الحكم وهو مسؤول عن سلامة أحوال الناس وعن حفظ الأمن وعن نشر العلم وعن إقامة العدل وعن حفظ ثغور البلدان وسلامتها وعن إقامة الشعائر الدينية، فقد جاء


(١) - الأحكام السلطانية للماوردي، ص ٣٥.
(٢) - الآية (٢٩) من سورة طه.
(٣) - رواه أبو داود في سننه كتاب الفيء والإمارة - باب اتخاذ الوزير, حديث (٢٩٣٢).

<<  <   >  >>