للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغزاة بالأندلس، متى أعاد الله إلى ملكه، فلما استقر له سلطانه، جاز له سليمان سفيراً عن الوزير عمر بن عبد الله، ومقتضيا عهده من السلطان، فصده أبن الخطيب عن ذلك، محتجاً بأن تلك الرياسة إنّما هي لأعياض الملك من بني عبد الحق، لأنهم يعسوب زناتة، فرجع سلمان، وأثار حقد ذلك لأبن الخطيب، ثم جاوز الأندلس لمحل إمارته من جبل الفتح، فكانت تقع بينه وبين أبن الخطيب مكتبات، يشير كل واحد منهما لصاحبه، بما يحفظه، مما كمن في صدورهما. وحين بلغ خبر القبض على أبن الخطيب إلى السلطان أبن الأحمر بعث كاتبه ووزيره بعد أبن الخطيب، وهو أبو عبد الله أبن زمرك، فقدم على السلطان أبي العباس، وأحضر أبن الخطيب بالمشور في مجلس الخاصة، وعرض عليه بعض كلمات وقعت له في كتابه المحبة، فعظم النكير فيها، فوبخ ونكل، وامتحن بالعذاب بمشهد ذلك الملأ، ثم نقل إلى محبسه، واشتوروا في قتله بمقتضى تلك المقالات المسجلة عليه، وأفتى بعض الفقهاء فيه، ودس سليمان بن داود لبعض الأوغاد من حاشيته بمقتله، فطرقوا السجن ليلا، ومعهم زعانفة جاءوا في لفيف الخدم، مع سراء السلطان أبن الأحمر، وقتلوه خنقا في محبسه، واخرج شلوه من الغد، فدفن في مقبرة باب المحروق، ثم أصبح من الغد على سافة قبره طريحا، وقد جمعت له أعواد، وأضرمت

<<  <  ج: ص:  >  >>