للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدد ساعات الله الزمانية، يصاقب طرفيها بابان كبيران وفوق جميعها دوين رأس الخزانة قمر أكمل يسير على خط الاستواء سير نظيره من الفلك، ويسامت أول كل ساعة بابها المرتج، فينقص من البابين الكبيرين عقابان بفي كل واحد منهما صنجة صفر يلقيها إلى طست من الصفر مجوف بوسطه ثقب يفضى بها إلى داخل الخزانة فيرن وينهش الأرقم أحد الفرخين فيصفر له أبواه فهنا يفتح باب الساعة الذهبية وتبرز منه جارية محتزمة كأظرف ما أنت راء، بيمينها إضبارة فيها اسم ساعتها منظومة ويسراها موضوعة على فيها، كالمبايعة بالخلافة، والمسمع قائم ينشد أمداح سيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ثم يؤتى آخر الليل بموائد كالهالات دورا والرياض نورا؛ قد اشتملت من أنواع محاسن الطعام على ألوان تشتهيها الأنفس وتستحسنها الأعين، وتلذ بسماعها الأذان، ويشره مبصرها للقرب منها والتناول وإن كان ليس بغرثان؛ والسلطان لم يفاق مجلسه الذي ابتدأ جلوسه فيه وكل ذلك بمرأى منه ومسمع حتى يصلي هنالك صلاة الصبح.

على هذا الأسلوب تمضي ليلة مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع أيام دولته أعلى الله مقامه في عليين وشكر له في ذلك صنعه الجميل آمين.

وما من ليلة مولد مرت في أيامه إلاّ ونظم فيها قصيدا في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم أوّل ما يبتدئ المسمع في ذلك المحفل العظيم بإنشاده، ثم يتلوه إنشاد من رفع إلى مقامه العلي في تلك الليلة نظما ".

انتهى كلام صاحب نظم الدرر والعقيان، وهو أتم مساقا من كلامه في راح الأرواح.

<<  <  ج: ص:  >  >>