للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما بدا؛ فكيف وأدوات السفر جمع، ومنادي الرحيل يسمع؛ ولا أقل للحبيب المودع من وصية محتضر، وعاجلة مقتصر، ورتيمة تعقد في خنصر، ونصيحة تكون نشيدة واعٍ ومبصر، تتكفل لكم بحسن العواقب من بعدي، وتوضح لكم في الشفقة والحنو قصدي، حسبما تضمن وعد الله من قبل وعدي، فهي أربكم الذي لا يتغير وقفه، ولا ينالكم المكروه ما رف عليكم سقفه، وكأني بشبابكم قد شاخ، وبراحلكم قد أناخ؛ وبنشاطكم قد كسل، واستبدل الصاب من العسل، ونصول الشيب تروع بأسل، لا بل السام من ليس حدب قد نسل، والمعاد اللحد ولا تسل؛ فبالأمس كنتم فراخ حجر، واليوم آباء عسكر مجر، وغدا شيوخ مضيعة وهجر؛ والقبور فاغره، والنفوس عن المألوفات صاغره؛ والدنيا بأهلها ساخرة، والأولى تعقبها آخره؛ والحازم من لم يتعظ به في أمر، وقال: بيدي عمرو، فاقتنوها من وصية في النصح قصية؛ وخصوا بها أولادكم إذا عقلوا، ليجدوها زادها إذا انتقلوا؛ وحسبي وحسبكم الله الذي لم يخلق الخلق هملا، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا؛ ولا رضى الدنيا منزلا، ولا لطف بمن أصبح عن فئة الخير منعزلا؛ ولتلقنوا تلقينا، وتعلموا علماً يقينا؛ أنكم لن تجدوا بعد أفرد بذني، ويفترش التراب جنبي؛ ويسح إنسكابي، وترهول عن المصلى ركابي؛ أحرص مني على سعادة إليكم تجلب، أو غاية كمال بسببكم ترتاد وتطلب؛ حتى لا يكون في الدين والدنيا أورف

<<  <  ج: ص:  >  >>