للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشرف على الروضة، المباهي بمجلس الذهب والقبة وعجائب ما تضمنته من إتقان الصنعة، وفخامة الهمة، وحسن المستشرف، وبراعة الملبس والحلة، ما بين مرمر مسنون، وذهب موضون، وعمد كأنما أفرغت في القوالب، ونقوش كالرياض، وبرك عظيمة محكمة الصنعة، وحياض وتماثيل عجيبة الأشخاص، لا تهتدي الأوهام إلى سبيل استقصاء التعبير عنها؛ فسبحان الذي أقدر هذا المخلوق الضعيف على إبداعها واختراعها من أجراء الأرض المنحلة، كيما يرى الغافلين عنه من عباده، مثالاً لمّا أعده لأهل السعادة في دار المقامة، التي لا يسلط عليها الفناء، ولا تحتاج إلى الكرم، لا اله إلاّ هو المنفرد بالكرم. وذكر المؤرخ أبو مروان بن حيان صاحب الشرطة، أنَّ باني قصر الزهراء اشتملت على أربعة آلاف سارية، ما بين كبيرة وصغيرة، ومحمولة، ونيف على ثلاث مائة سارية زائدة؛ وفسر بعضهم هذا النيف بثلاث عشرة منها ما جلب من دينة رومة، ومنها ما أهداه صاحب القسطنطينية؛ وأنَّ مصاريع أبوابها، وصغارها وكبارها، كانت تنيف على خمسة عشر ألف باب، وكلها ملبسة بالحديد والنحاس المموه، والله أعلم، فإنها كانت من أهول ما بناه الإنس، وأجله خطراً، وأعظمه شأناً.

وقال بعض المؤرخين: وكان عدد الفتيان بالزهراء ثلاثة عشر ألف فتى وسبع مائة وخمسين فتى، ودخالتهم من اللحم كل يوم، حاشى أنواع الطير والحوت، ثلاثة عشر ألف رطل؛ وعدة النساء بقصر الزهراء، الصغار والكبار وخدم الخدمة، ستّة آلاف وثلاث مائة امرأة وأربع عشرة. ورأيت في بعض الدواوين

<<  <  ج: ص:  >  >>