المجنبتين حمامة، وشاهين، وطاووس، ودجاجة، وديك، والثاني عشر لم يحضرني اسمه الآن، وكل هذا من ذهب مرصع بالجوهر النفيس، ويخرج الماء من أوفها. وكان المتولي لهذا البنيان المذكور أنّه الحكم، لم يتكل فيه الناصر على أمين غيرة، وكان يخبز في أيامه كل يوم برسم حيتان البحيرة ثمان مائة خبزة وقيل أكثر، إلى غير ذلك مما يطول تتبعه.
وكان الناصر قد قسم الجباية أثلاثاً، ثلث للجند وثلث للبناء، وثلث مدخر. وكانت جباية الأندلس يومئذ من الكور والقرى خمسة آلاف ألف، وأربع مائة ألف، وثمانين ألف دينار، ومن الستوق والمستخلص سبع مائة وألف، وخمسة وستين ألف دينار، وأما أخماس الغنائم فلا يحصيها ديوان. وقيل إنَّ مبلغ تحصيل النفقة في بنيان الزهراء مائة مدى من الدراهم القاسمية، بكيل قرطبة. وقيل إنَّ مبلغ النفقة فيها بالكيل المذكور ثمانون مديا وستّة أقفزة، من الدراهم المذكورة. واتصل بناء الزهراء أيام الناصر خمساً وعشرين سنة، شطر خلافته، ثم اتصل بعد وفاته خلافة ابنه الحكم كلها، وكانت خمسة عشر عاما وأشهراً. فسبحان الباقي بعد فناء الخلق، لا اله إلاّ هو.