للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشدته رضي الله عنه البيتين، فاستحسنهما وشكر لي ذلك، وكان لي من بره وتأنيسه وبشره حظ جزيل، وقسم كبير، ورغب إلى أنَّ كتب له بخطي بعض ما عندي من أخبار الصالحين، وأئمة المتقين، وأولياء الله المطيعين، فكتبت له من الأحاديث الوعظية العلمية، والأشعار الحكمية، ما أمكنني، فسر بذلك، وشكر عليه؛ ولمّا أتى مدينة فاس، صار يرى ذلك أوداءه وأحبابه، ويشكر عليه، ويثني خيراً، وبارك الله تعالى فيه. ثم قدر الله تعالى بوصولي بعد انفصاله عن مدينة فاس، وتوليته لقضاء أغمات، إلى حضرة مراكش، حرسها الله تعالى، وكان بالحضرة المذكورة، فسمع بذلك، وكنت نزلت بفندق من فنادقها، يقال له فندق السكر، فوصل إليه، واجتمع بي، فدعوت له وشكرت، ثم أولاني من بره وتأنيسه ما عهدت قبل منه، وزاد عليه، ورغب في الوصول إليه إلى أغمات، فوصل إليه بعد ذلك، فرحب وسهل وانزل، وأثنى على عند الأصحاب والإخوان خيرا، وقال ما يصدر عن مثله، فالعنصر الطيب لا يخرج منه إلاّ الطيب، وكنت معه في داؤه في خصب وسعة، وطلاقة وجه، وحسن خلق، وطيب حديث، وكريم مشاهدة ومناشدة، لنفسه ولغيره.

انتهى ما قدصت جلبه من كلام صاحب الإشادة، المنقول عن التحيبي نزيل التلمسان، رحم الله الجميع.

لنجعل آخر نظم القاضي أبي حفص رخ قوله:

العلم يكسو الحلل الفاخرة ... والعلم يحيي الأعظم الناخرة

كم ذنب أصبح رأسا به ... ومذنب أبحره زاخرة

<<  <  ج: ص:  >  >>