للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: إنما اقتصرت على ذكر هذين الشيخين الإمامين، لمّا لهما علي من المشيخة، ولشهرتهما بالتأليف، التي تقوم مقام الشاهدة لمّا قلته، حتى نبد عن شبه التعصب.

وأما من نجب من تلاميذة شيخ شيوخنا ابن عرفة، وتمكن من ملكة التعليم، فخلق يطول عددهم، فمنهم من أدركناه، وأخذنا عنه، وأجزنا مروياته، ومنهم من لم ندركه، نفع الله بجميعهم، وأعاد علينا من بركاتهم.

قلت: هنا انتهت ملكة الفقه من علماء القيروان عن المازري، إلى من ذكرنا، ثم إلى من لقينا.

وأما ملكة العلوم النظرية، فهي قاصرة على البلاد المشرقية، ولا عناية لحذاق القرويين والإفريقيين إلاّ بتحقيق الفقه فقط. ولم يزل الحال كذلك إلى أن رحل الفقيه ابن زيتون إلى الشرق، فلقي تلاميذ الفخر بن خطيب، ولازمهم زمانا، حتى تمكن من ملكة التعليم، وقدم إلى تونس، فانتفع به أهلها، وانتهت طريقته النظرية إلى تلميذه ابن عبد السلام المذكور، واستقل تلميذه بن عرفة بعده بتلك الطريقة، وكذلك أبو عيسى موسى ابن الإمام التلمساني المذكور ولهذا تجد أثر العلوم النظرية بتلمستان.

قال الإمام ابن خلدون وغيره من أئمة التاريخ: لم نشاهد في المائة الثامنة من سلك طريق النظار بفاس، بل في جميع هذه الأقطار، لأجل انقطاع ملكة التعليم عنهم، ولم يكن منهم من له عناية بالرحلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>