ثم دخل زبيد في رمضان سنة ست وتسعين، بعد وفاة قاضي الأقضية باليمن كله، الجمال الريمي شارح التنبيه فتلقاه الأشرف إسماعيل بالقبول وبالغ في إكرامه وصرف له ألف دينار سوى ألف أخرى أمر ناظر عدن أن يجهزه بها واستمر مقيما في كنفه على نشر العلم وكثر الانتفاع به وأضيف إليه قضاء اليمن كله في ذي الحجة سنة سبع وتسعين بعد ابن عجيل فأرتفع بالمقام في تهامة وقصده الطلبة وقرأ السلطان فمن دونه عليه فاستمر بزبيد مدة عشرين سنة وهي بقية أيام الأشراف ثم ولد الناصر أحمد. وكان الأشراف قد تزوج ابنته لمزيد جمالها ونال منه برا ورفعة بحيث أنّه صنف كتابا وأهاداه له على أطباق فملأها له دراهم وفي أثناء هذه المدة قد مكة مرارا وجاور المدينة والطائف وعمل بها مآثر حسنة وكان يحب الانتساب إلى مكة ويكتب بخطه:" الملتجئ إلى حرم الله تعالى " ولم يدخل بلدا إلاّ وأكرمه متوليها وبالغ في تعظيمه مثل شاه منصور بن شجاع صاحب تبريز والأشرف صاحب مصر والسلطان بايزيد خان بن عثمان متولى الروم وابن أويس صاحب بغداد وتمرلنك وغيرهم.
واقتنى كتبا كثيرة حتى نقل عنه أنَّه قال: اشتريت بخمسين ألف مثقال ذهبا كتبا. ولا يسافر إلاّ وفي صحبته منها أحمال ويخرجها من كان منزل وينظر فيها. وصنف كتبا كثيرة منها:" بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز " مجلدان و " تنوير المقباس في تفسير ابن عباس "