وكان عن يمين الملك المجلس خاليا ولا يقعد هناك إلاّ ملك أو وزير عظيم المنزلة فمضيت وقعدت عن يمينه بحذاء قاضي القاضاة فوجدوا من ذلك وفزعوا واضربوا لأن كان عندهم من الجنايات العظام وما كان في المجلس من يعرفني إلاّ رجل واحد فقال للقاضي: أطال الله بقاء سيدنا هذا هو الرجل الذي طلبه الملك مولانا. فقال قاضي القضاة: أطال الله بقاء مولانا هذا هو الرجل الذي كتبت فيه وهو لسان المثبتة فنظر إلى الغلمان بين يديه والحجاب فطاروا من بين يديه ثم قال لهم: اذكروا له مسألة. وكان في المجلس رئيس البغداديين وهو الأحدب وما كان زمانه أفصح منه ولا أعلم منه عندهم فأما البصريون فحضر منهم خلق كثير أقدمهم أبو إسحاق النصيبي. فقال الأحدب لتلاميذه: سلوه: هل لله تعالى أنْ يكلف الخلق ما لا يطيقونه أو ليس له ذلك؟ فقال الرجل للقاضي: هل لله تعالى أنْ يكلف الخلق ما لا يطيقونه أو ليس له ذلك؟ فقال له القاضي أبو بكر: إنْ أردت بالتكليف القول المجرد فالقول المجرد قد توجه لأن الله تعالى قال:) قل كونوا حجارة أو حديدا (ونحن لا نقدر أنْ نكون حجارة ولا حديدا وقال تعالى) أنبئوني بأسماء هؤلاء إنْ كنتم صادقين (فطلبهم بما لا يلمون وقال تعالى) ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون (وهذا كله أمر بما لا يقدر عليه الخلق وإنْ أردت التكليف الذي نعرفه وهو ما يصح فعله وتركه فالكلام متناقض وسؤالك فاسد.
فاخذ الأحد الكلام وقال: أيها الرجل أنت سئلت عن كلام مفهوم