للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدّثني يسمح فيه للأغمار ووقفت بأزائهم أنظر إلى تصرفهم من ورائهم إذ كان علق بنفسي بعض ذلك من بعض القرابة في خلس بطالة مع غلبة الصبوة والجهالة فقلت للبياذقة: الأمير أعلم من صحابه فلمحوني شزرا وعظمت في أعينهم بعد أنْ كنت نزرا وتقدم إلى الأمير من نقل إليه الكلام فاستدعاني فدنوت منه وسألني: هل لي بما فيه بصر؟ فقلت لي فيه بعض نظر سيبدو لك ويظهر حرك تلك القطعة ففعل وعارضه صاحبه فأمرته أنْ يحرك أخرى وما زالت الحركة بينهم كذلك تترى حتى هزمهم الأمير وانقطع التديبر فقال: ما أنت بصغير. وكان في أثناء تلك الحركات قد ترنم ابن عم الأمير منشدا:

وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه ... وفي الهجر فهو الدهر يرجو ويتقي

فقال: لعن الله أبا الطيب أو يشك الرب؟ فقال له في الحال: ليس كما ظن صاحبك أيّها الأمير إنما أراد بالرب ها هنا الصاحب. يقول: ألذ الهوى ما كان المحب فيه من الوصال وبلوغ الغرض من الآمال على ريب فهو في وقته كله على رجاء لمّا يؤمله وتقاة لمّا يقطع به كما قال:

إذا لم يكن في الحب سخطا ولا رضا ... فأين حلاوة الرسائل والكتب

وأخذنا نظيفالى ذلك من الأغراض في طرفي الإبارم والانتقاض ما حرك منهم إلى جهتي داعي الانتهاض وأقبلوا يعجبون مني ويسألونني كم سني ويستكشفونني عني فبقرت لهم حديثي وذكرت لهم نجيثي وأعلمت الأمير بأن أبي معي فاستدعاه وقمنا الثلاثة إلى مثواه فخلع علينا خلعه وأسبل علينا أدمعه وجاء كل خوان بأفنان الألوان.

ثم قال بعد المبالغة في وصف ما نالهم من إكرامه:

<<  <  ج: ص:  >  >>