وحكى غير واحد أنَّ أبا بكر بن العربي رحمه الله بينما هو جالس في محل درسه إذ دخل شاب من الملثمين وبيده رمح فهزه فقال القاضي أبو بكر رحمه الله:
يهز على الرمح ضبي مهفهف ... لعوب بألباب البرية عابث
فلو كان رمحا واحدا لاتقيته ... ولكنه رمح وثاني وثالث
وقد اختلف حذاق الأندلس من أهل الأدب في معنى الرمح الثاني والثالث وأكثرهم يقول: هما القد واللخظ والله اعلم.
ولمّا ذكر الإمام ابن العربي المذكور رحمه الله في كتاب قانون التأويل ركوبه البحر في رحلته من إفريقية قال:
وقد سبق في علم الله أنْ يعظم علينا البحر بزوله ويغرقنا في هوله فخرجنا من البحر خروج الميت من القبر وانتهينا بعد خطب طويل إلى بيوت بني كعب بن سليم ونحن من السغب على عطب ومن العرى في أقبح زي قد قذف البحر زقاق زيت مزقت الحجارة منيئتها ودسمت الأدهان وبردها وجلدها فاحتزمناها أزرا واشتملناها لفعا تمجنا الأبصار وتخذلنا الأنصار فعطف أميرهم علينا فأوينا إليه فآوانا وأطعمنا الله تعالى على يديه وسقانا وأكرم مثوانا وكسانا بأمر حقير ضعيف وفن من العلم ظريف.
وشرحه: أنا لمّا وقفنا على بابه ألفيناه يدير أعواد الشاه فعل السامد اللاه فدنوت منه في تلك الأطمار وسمح لي بياذقه إذ كنت من الصغر في