يسر الفتى بالعيش وهو مبيده ... ويغتر بالدنيا وما هي داره
وفي عبر الأيام للمرء واعظ ... إذا صح فيها فكره واعتباره
فلا تحسبن يا غافل الدهر صامتاً ... فأفصح شيء ليله ونهاره
أصخ لمناجات الزمان فإنه ... سيغنيك عن جهر المقال سراره
أدار على الماضين كأساً فكلهم ... أبيحت مغانيه وأقوت دياره
ولم يحمهم من أنْ يسقوا بكأسهم ... تناوش أطراف القنا واشتجاره
وغالت أبا عبد المليك صروفه ... وقد كان دهراً لا يباح ذماره
فأصبح مجفوراً وقد كان واصلا ... وأمسى قصيا وهو دان مزاره
ولم أنس إذ أودى الحمام بنفسه ... فلم يبق إلاّ فعله وادكاره
إذا رقأت عيني استهلت شئونها ... لمأتم حزن قد أرن صواره
تجاوب هذى تلك عند بكائها ... كترجيع شول حين حنت عشاره
كأن لم يكن كالمزن يرهب صعقه ... عدو ويرجى في المحول انهاره
ودوحة عزٍ يستظل بظلها ... وروضاً من الآداب تجنى ثماره
أما وعلى مروان إنَّ مصابه ... أثار أسى تذكى على القلب ناره
فلا شرب إلاّ قد تكدر صفوه ... ولا نوم إلاّ قد تجافى غراره
فأي حياً للفضل أجلى غمامه ... ونظم العلياء حان انتثاره
خوى المجد من مروان وانهد طوده ... وجد بجد المكرمات عثاره
وما خلت أنْ الصبح يشرق بعده ... لعين وإنَّ الروض يبقى اخضراره
فيا طود عز زلزل الأرض هده ... وبدر علا راع الأنام انكداره
هنيئا للحد ضم شلوك أنْ غدا ... عميد الندى والمجد فيه قراره
ولم أر دراً قط أصدافه الثرى ... ولا بدر ثم في التراب مغاره
فيا بني عبد العزيز وإنْ خلا ... من المجد مغناه وهد مناره