للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالصبح، ويشفع بيغرى، ولفظة لي بلفظة بي على الترتيب، ولا أعلم في باب التقابل أفضل من هذا البيت لجمعه من المقابلات ما لم يجمعه بيت لشاعر قبله ولا بعده إلى يومنا هذا، مع ما فيه من تمكين قافيته، بخلاف البيت الذي أنشده أبو دلامة، فإن قافيته مستدعاة لكون حسن الأشياء التي ذكرها، وقبحها لا يختص بالرجل دون المرأة، والمعنى قد تم بدون ذكر الرجل، ولو كان لما اضطر إلى القافية التي أفاد بها معنى زائداً بحيث يقول: بالبشر لكان البيت نادراً، غير أن المقابلة التي في البيت الذي أنشده أبو دلامة أفضل من المقابلة التي في بيت أبي الطيب، لأن المقابلة التي في البيت الأول بالأضداد، والتي في بيت المتنبي بالأضداد وبغير الأضداد، والمقابلة بالأضداد أفضل مراعاة للاشتقاق، لأن التقابل: التضاد والتناقض، فبيت المتنبي فضل بالكثرة والبيت الأول أفضل بجودة المقابلة، وقد أنشد بعض المؤلفين في هذا الباب قول أبي نواس طويل:

أرى الفضل للدنيا وللدين جامعاً ... كما السهم فيه الفوق والريش والنصل

وزعم أن هذا البيت فاسد المقابلة من جهة أنه قابل الدنيا والدين الذين هما طرفان بطرفي السهم، وهما الفوق والنصل، ونفي الريش لا مقابل له، وعندي أن البيت صحيح المقابلة، لأن أبا نواس قصد أن الممدوح جمع من الدين والدنيا ما ينتفع به، وما لا بد للعاقل المكلف منه، وهما طرفا نقيض، كما جمع طرفا السهم ما لا غنى بالسهم عنه، لأن الفوق

<<  <   >  >>