هذا الباب مما فرعه قدامة أيضاً من ائتلاف اللفظ مع المعنى، وسماه هذه التسمية، وشرح تسميته بأن قال: هو أن يريه المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضوع له، ويعبر عنه بلفظ هو ردفه وتابعه أي قريب من لفظه قرب الرديف من الردف، مثل قوله تعالى:" واستوت على الجودي " فإن حقيقة ذلك وجلست على هذا المكان، فعدل عن لفظ المعنى الخاص به إلى لفظ هو ردفه، وإنما عدل عن لفظ الحقيقة لما في الاستواء الذي هو لفظ الإرداف من الإشعار بجلوس متمكن لا زيغ فيه ولا ميل، وهذا لا يحصل من قولك جلست أو قعدت أو غير ذلك من ألفاظ الحقيقة، إذ كان المراد والله أعلم الإخبار ينفي الأسباب الموجبة خوف أهل السفينة من السفينة في حالتي حركتها وسكونها، وذلك لا يحصل حتى يفهم السامع أنها جلست جلوساً متمكناً لا يمل فيه يوجب الخوف، ولا يحصل إلا بلفظ الاستواء دون غيره، وقد جاء في السنة من أمثلة هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن بعض النسوة في حديث أم زرع حيث قالت:" زوجي رفيع العماد، عظيم الرماد، قريب البيت من المناد " فإنها أرادت مدح زوجها بتمام الخلق والتقدم على قومه ونهاية الكرم، ولو عبرت عن هذه المعاني بألفاظها لاحتاجت بإزاء كل معنى لفظاً يخصه، فتكثر الألفاظ، ولا يدل كل لفظ إلا على معناه فقط، وألفاظ الإرداف كل لفظ منها يدل على جميع ما أرادت من صفات المدح على انفراد، لا، قولها رفيع العماد يدل على تمام الخلق إذ بناء البيوت على مقادير أجسام الداخلين لها غالباً، ويدل على عظم قدر صاحبه، إذ لا يقدر على أن يرفع بيته على البيوت إلا من قدره مرتفع على الأقد، ارويدل على الكرم أيضاً، لأن الوفود والضيفان يعمدون إلى قصد البيوت المرتفعة دون بيوت الصرم وكذلك عظم الرماد يدل على عظم القدر وعظم الكرم وكثرة الثروة، ومثله قولها " قريب البيت من