التهذيب عبارة عن ترداد النظر في الكلام بعد عمله لينقح، ويتنبه منه لما مر على الناثر أو الشاعر حين يكون مستغرق الفكر في العمل، فيغير منه ما يجب تغييره، ويحذف ما ينبغي حذفه، ويصلح ما يتعين إصلاحه، ويكشف عما يشكل عليه من غريبه وإعرابه، ويحرر ما لم يتحرر من معانيه وألفاظه، حتى تتكامل صحته، وتروق بهجته، فإنه من رزق من أرباب البلاغة وأصحاب الفصاحة جودة ذهن، وغوص فكر، وكمال عقل، واعتدال مزاج، وحسن اختيار، ووقف على أقوال النقاد في حقيقة البلاغة، وكنه الفصاحة، وما عد من محاسن الكلام وعيوبه، ووقى شح نفسه، بحيث يسمح بطرح ما لا يقدر على تغييره من كلامه، كان كلامه موصوفاً بالمهذب، منعوتاً بالمنقح، وإن قل ابتكاره للمعاني، وقد كان زهير معروفاً بالتنقيح، فإنه روى أنه كان يعمل القصيدة في شهر، وينقحها في أحد عشر شهراً حتى سمى شعره الحولي المحكك ولا جرم