وهو امتزاج آخر ما يقدم الشاعر على المدح من نسب أو فخر أو وصف أو أدب أو زهد أو مجون أو غير ذلك بأول بيت من المدح. وقد يقع ذلك في بيتين متجاورين، وقد يقع في بيت واحد، وهذه وإن لم تكن طريقة المتقدمين في تغالب أشعارهم، فإن المتأخرين قد لهجوا بها وأكثروا منها، وهي لعمري من الماسن وهذا الباب قديم، وهو من أجل أبواب المحاسن، ويسمى معرفة الفصل من الوصل.
وقد ذهب أصحاب الإعجاز إلى أنه وجه الإعجاز، وهو دقيق في عين الغبي خفي يخفى على غير الحذاق من ذوي النقد. وهو مبثوث في الكتاب العزيز من أوله إلى آخره، فإنك تقف من الكتاب العزيز على مواضع تجدها في الظاهر فصولاً متنافرة لا تعرف كيف تجمع بينها، فإذا أنعمت النظر وكنت ممن له دربة بهذه الصناعة، ظهر لك الجمع بينهما، كقوله سبحانه وتعالى: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير، وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلاً.