للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب الاتساع]

وهو أن يأتي الشاعر ببيت يتسع فيه التأويل على قدر قوي الناظر فيه، وبحسب ما تحتمل ألفاظه، كقول امرئ القيس طويل:

إذا قامتا تضوع المسك منهما ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل

فإن هذا البيت اتسع النقاد في تأويله، فمن قائل تضوع مثل المسك منهما نسيم الصبا، ومن قائل تضوع نسيم الصبا منهما، ومن قائل تضوع المسك منهما تضوع نسيم الصبا، وهذا هو الوجه عندي، ومن قائل تضوع المسك منهما بفتح الميم يعني الجلد بنسيم الصبا.

وكقوله في صفة الفرس طويل:

مكر مفر مقبل مدبر معاً ... كجلمود صخر حطه السيل من عل

لأن الحجر يطلب جهة السفل لكونها مركزه، إذ كل شيء يطلب مركزه بطبعه الذي جبل عليه، فالحجر يسرع انحطاطه إلى السفل من العلو من غير واسطة، فكيف إذا أعانته قوة دفاع السيل من عل، فهو حال تدحرجه يرى وجهه في الآن الذي يرى فيه ظهره لسرعة تقلبه، وبالعكس، ولهذا قال الشاعر، مقبل مدبر معاً يعني يكون إدباره وإقباله مجتمعين في المعية،

<<  <   >  >>