وهذا الباب مما فرعه قدامة من الباب المتقدم عليه، وشرحه بأن قال: هو أن يكون اللفظ مساوياً للمعنى حتى لا يزيد عليه ولا ينقص عنه وهذا من البلاغة التي وصف بها بعض الوصاف بعض البلغاء فقال: كانت ألفاظه قوالب لمعانيه، ومعظم آيات الكتاب العزيز كذلك، ومنها قوله تعالى:" إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " فإن قيل: معظم هذه الآية من
باب الإشارة، لأن العدل والإحسان والفحشاء والمنكر على قلة هذه الألفاظ تدل على معاني من أفعال البر وضدها لا تنحصر، ولا معنى للإشارة إلا دلالة اللفظ القليل على المعاني الكثيرة، فكيف تجتمع المساواة والإشارة؟ قلت: المساواة تطلق ويراد بها معنيان: أحدهما أن تكون ألفاظها ألفاظ المعنى الموضوعة له، فتلك هي التي لا تزيد على المعنى ولا تقصر عنه، وهي التي لا تجتمع مع الإشارة ولا الإرداف ولا غيرهما من الكلام الذي لفظه أقل من معناه، والثاني أن يكون لفظ الكلام غير لفظ معناه الموضوع له، كالإشارة والإرداف وما جرى هذا المجرى، فإن كانت كذلك ولم يأت المتكلم في أثناء الكلام وخلاله بلفظة