بأغرب ألفاظ الهلاك بالنسبة، وهي لفظة حرض ولما أراد غير ذلك قال في غير هذا الموضع " وأقسموا بالله جهد أيمانهم " لما كانت جميع الألفاظ مستعملة وعلى هذا فقس. والله أعلم.
ومن هذا الباب ملاءمة الألفاظ في نظم الكلام على مقتضى المعنى، لا من مجرد جملة اللفظ، فإن الائتلاف من جهة ما قدمنا من ملاءمة الغريب للغريب والمستعمل للمستعمل، لا من جهة المعنى، بل ذلك من جهة اللفظ.
وأما الذي من جهة المعنى فقوله تعالى:" ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " فإنه سبحانه لما نهى عن الركون للظالمين، وهو الميل إليهم، والاعتماد عليهم، كان ذلك دون مشاركتهم في الظلم، أخبر أن العقاب على ذلك دون العقاب على الظلم، وهو مس النار، دون الإحراق والاصطلاء، وإن كان المس قد يطلق ويراد به الاستئصال بالعذاب وشمول الثواب أكبر مجازاً، ولما كان المس أول ألم أو لذة يباشرها الممسوس جاز أن يطلق على ما يدل عليه استصحاب تلك الحال مجازاً، والحقيقة ما ذكرناه وهو في هذه الآية الكريمة على حقيقته، والله عز وجل أعلم.