للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخلق لهم من الطين كهيئة الطير تعظيماً لأمر ما يخلقه بإذنه، إذ كان المعنى المطلوب الاعتداد عليهم بخلقه ليعظموا قدر النعمة به.

ومن ائتلاف اللفظ مع المعنى أن يكون اللفظ جزلاً إذا كان المعنى فخماً، ورقيقاً إذا كان المعنى رشيقاً، وغرساً إذا كان المعنى غريباً بحتاً، ومستعملاً إذا كان المعنى مولداً محدثاً، كقول زهير طويل:

أثافي سفعاً في معرس مرجل ... ونؤباً كجذم الحوض لم يتثلم

فلما عرفت الدار قلت لربعها ... ألا أنعم صباحاً أيها الربع وأسلم

فإن زهيراً لما قصد إلى تركيب البيت الأول من ألفاظ تدل على معنى عربي لكن المعنى غير غريب، ركبه من ألفاظ متوسطة بين الغرابة والاستعمال، ولما قصد في البيت الثاني إلى معنى أبين من الأول وأعرف وإن كان غريباً ركبه من ألفاظ مستعملة معروفة.

ومن شواهد هذا القسم من الائتلاف من الكتاب العزيز قوله تعالى: " قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين " فإنه سبحانه أتى بأغرب ألفاظ القسم بالنسبة إلى أخواتها، فإن والله وبالله أكثر استعمالاً وأعرف عند الكافة من تالله لما كان الفعل الذي جاور القسم أغرب الصيغ التي في بابه، فإن كان وأخواتها أكثر استعمالاً من تفتأ وأعرف عند الكافة، ولذلك أتى بعدهما

<<  <   >  >>