وهو أن تكون مفردات كلمات البيت من الشعر، أو الفصل من النثر، أو الجملة المفيدة، متضمنة بديعاً بحيث تأتي في البيت الواحد والقرينة الواحدة عدة ضروب من البديع بحسب عدد كلماته أو جملته، وربما كان في الكلمة الواحدة المفردة ضربان فصاعداً من البديع، ومتى لم تكن كل كلمة بهذه المثابة فليس بإبداع، وما رأيت في جميع ما استقريت من الكلام المنثور والشعر الموزون كآية كريمة من كتاب الله تعالى: استخرجت منها إحداً وعشرين ضرباً من المحاسن، وهي قوله تعالى:" وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين ". وهي المناسبة التامة بين أقلعي وابلعي، والمطابقة بذكر الأرض والسماء، والمجاز في قوله " يا سماء " فإن المراد والله أعلم يا مطر السماء، والاستعارة في قوله " أقلعي "، والإشارة في قوله تعالى " وغيض الماء " فإنه عبر بهاتين اللفظتين عن معان كثيرة، والتمثيل في قوله تعالى " وقضي الأمر " فإنه عبر عن هلاك الهالكين ونجاة الناجين بلفظ فيه بعد عن لفظ المعنى الموضوع له، والإرداف في قوله تعالى: