وهو أن يذكر الشاعر أو الناثر ألوانا يقصد الكناية بها أو التورية بذكرها عن أشياء من مدح أو وصف أو نسيب أو هجاء أو غير ذلك من الفنون، أو لبيان فائدة الوصف بها كقوله تعالى:" ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود " فإن المراد بذلك والله أعلم الكناية عن المشتبه والواضح من الطرق، لأن الجادة البيضاء هي الطريق الملحوب التي كثر السلوك فيها جداً، وهي أوضح الطرق وأبينها، ولهذا قيل: ركب بهم المحجة البيضاء ودونها المراء، ودون الحمراء السوداء التي كأنها في الخفاء والالتباس ضد البيضاء في الظهور والوضوح. ولما كانت هذه الألوان الثلاثة في الظهور للعين طرفين وواسطة، فالطرف الأعلى في الظهور البياض والطرف الأسفل في الخفاء السواد، والأحمر بينهما على حكم وضع الألوان في التركيب، وكانت ألوان الجبال لا تخرج عن هذه الألوان الثلاثة، والهداية بكل علم نصب للهداية تنقسم هذه القسمة، أتت الآية الكريمة على هذا التقسيم، فحصل فيها التدبيج وصحة التقسيم، وهي مسوقة