الإغراق فوق المبالغة، ودون الغلو، ولا يقع شيء من الإغراق والغلو في الكتاب العزيز، ولا الكلام الصحيح الفصيح إلا مقروناً بما يخرجه من باب الاستحالة، ويدخله في باب الإمكان، مثل كاد وما يجري مجراها.
ومن أمثلته قول ابن المعتز طويل:
صببنا عليها ظالمين سياطنا ... فطارت بها أيد سراع وأرجل
فموضع الإغراق من البيت قوله: ظالمين يعني أنها استفرغت جهدها في العدو، فيما ضربناها إلا ظلماً، ولا جرم أنها خرجت من الوحشية إلى الطيرية، ولو لم يقل: ظالمين لما حسن قوله فطارت ولكنه بذكر الظلم صارت الاستعارة كأنها حقيقة. وقد أنشد بعض المؤلفين بيتين في هذا الباب مستحسناً لهما وهما متقارب:
أليس عجيباً بأن امرأً ... شديد الجدال دقيق الكلم
يموت وما علمت نفسه ... سوى علمه أنه ما علم
وعندي أن هذين البيتين ليس فيهما إغراق ألبتة، بل لو قيل إنهما ليس فيهما مبالغة لما رد هذا القول، لأن الشاعر أخبر عن نفسه أو نفس