للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الإشارة]

وهو أيضاً مما فرعه قدامة من ائتلاف اللفظ مع المعنى، وشرحه بأن قال: هو أن يكون اللفظ القليل مشتملاً على المعنى الكثير بإيماء أو لمحة تدل عليه، كما قال بعضهم في صفة البلاغة: هي لمحة دالة، وشرح هذا الحد أنها إشارة المتكلم إلى معاني كثيرة بلفظ يشبه..لقلته واختصاره بإشارة اليد، فإن المشير بيده يشير دفعة واحدة إلى أشياء لو عبر عنها بلفظ لاحتاج إلى ألفاظ كثيرة جداً، ولا بد في الإشارة من اعتبار صحة الدلالة وحسن البيان مع الاختصار، لأن المشير بيده إن لم يفهم المشار إليه معناه بأسهل ما يكون، فإشارته معدودة من العبث، ولهذا قال هند ابن أبي هالة في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يشير بكفه كلها وإذا تعجب قلبها، وإذا حدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى " فوصفه ببلاغة اليد كما وصفه ببلاغة اللسان، يعني أنه يشير بيده في الموضع الذي تكون فيه الإشارة أولى من العبارة، وهذا حذق بمواضع المخاطبات. وقوله: " كلها " أي يفهم بها المخاطب كل ما أراده بسهولة فإن الإشارة ببعض الكف تصعب، وبكل الكف تسهل، فأعلمنا هذا

<<  <   >  >>