أمتعه الله بفضائله، كما أمتع الفضلاء بفواضله، ورحم سلفه، كما رحم به من عرفه، بجمع ما في كتب الناس من ذلك على سبيل الاختصار من الشواهد، وتجنب الإطالة بذكر كل الاشتقاق، إلا إيضاح مشكل، أو كشف غامض، أو زيادة بسط في الكلام، على أنه من كتاب الله تعالى، أو في بيت قد أهمل تقصي الكلام عليه، بادرت إلى امتثال أمره، واستخرت الله سبحانه وتعالى حالة الشروع في مرسومه، وسألته الإعانة على بلوغ غرضه، والهداية إلى ما يترجح عنده.
ولما أخذت في ذلك عن لي استنباط أبواب تزيد بها الفوائد، ويكثر بها الإمتاع، نسجاً على منوال من تقدمني، واتباعاً لسنة من سبقني، ففتح علي من ذلك بثلاثين باباً، سليمة من التداخل والتوارد، لم أسبق في غلبة ظني إلى شيء منها، اللهم إلا أن يوجد في زوايا الكتب التي لم أقف على شيء مما اخترعته، فأكون أنا ومن سبقني إليه متواردين عليه، وما أظن ذلك، والله أعلم.
ولما انتهى استخراجي إلى هذا العدد، أمسكت عن الفكر في ذلك ليكون ما أتيت به وفق عدد الأصول من هذا الشأن، وهذا أوان سياقة أبوابي التي استنبطتها، وضروبي التي استخرجتها؛ وهي: التخيير، والتدبيج، والتمزيج والاستقصاء، والبسط، والهجاء في معرض المدح، والعنوان، والإيضاح والفرائد، والحيدة والانتقال، والشماتة، والتهكم، والتندير، والإسجال بعد المغالطة، والإلغاز والتعمية، والتصرف، والنزاهة، والتسليم، والافتنان، والمراجعة، والسلب والإيجاب، والإبهام، والقول بالموجب، وحصر الجزئي وإلحاقه بالكلي، والمقارنة، والمناقضة، والانفصال، والإبداع، وحسن