للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتمام النعت، ولو عدت هذه المعاني بألفاظها الموضوعة لها لاحتيج في العبارة عنها إلى ألفاظ كثيرة.

ومن الإشارة نوع يقال له اللحن والوحي، وهو يجمع العبارة والإشارة ببعد لا يفهم طريقه إلا ذو فهم، كما قال الشاعر كامل:

ولقد وحيت لكم لكيما تفطنوا ... ولحنت لحناً ليس بالمرتاب

ومثال ذلك ما حكى عن رجل من بلعنبر، أسر في بكر بن وائل فسألهم أن يرسل إلى قومه؛ فقالوا: ترسل بحضرتنا، وخافا أن ينذرهم، فإنهم عزموا على غزو قومه، فحضروا وأحضروه عبداً، فقال له: أتعقل؟ قال: إني لعاقل، فأشار إلى الليل، وقال: ما هذا؟ فقال: الليل؛ فقال: أراك عاقلاً، فملأ كفه من الرمل وقال: كم عدد هذا؟ فقال: لا أدري وإنه لكثير، فقال: أيها أكثر: النجوم، أم النيران؟ فقال: إن كلا لكثرة، فقال: إيت قومي، وأقرئهم السلام وقل لهم: أكرموا فلاناً فإن قومه لي مكرمون، يعني أسيراً كان عند قومه من بكر بن وائل، ثم قل لهم: إن العرفج قد أوفى وقد اشتكت النساء، ومرهم أن يعروا ناقتي الحمراء، فقد أطالوا ركوبها، ويركبوا جملي الأصهب، وبآية ما أكلت معكم حيساً وسلوا عن خبري أخي الحارث، فلما قال لهم العبد ذلك قالوا: لقد جن الأعور والله ما له ناقة ولا جمل، فلما سألوا أخاه سأل العبد عما قال له أولاً فأخبره، فشرحه، وقال لهم: قد أنذركم، أما الليل فإنه أشار إلى أنكم في عمياء مظلمة، وأما الرمل فإنه أشار إلى أنكم تغزون بمثل عدده، وأما

<<  <   >  >>