لا يفهم منه معنى طول العنق إلا بالتأويل، وهو أن قرطها إنما كان بعيد موضع الهبوط لطول عنقها، فدلالة الأول دلالة مطابقة، ودلالة الثاني دلالة التزام، وكذلك قول المتنبي:
إلى كم ترد الرسل
فإنه أيضاً يدل على الشجاعة بالتأويل، فقد استويا في الدلالة على المعنى بالتأويل، إذ لا يصلح واحد منهما أن يدل على المعنى بظاهره، فلا فرق بينهما من هذا الوجه، وإنما الفرق بينهما من جهة القرب والبعد، فإن لفظ بعد مهوى القرط أقرب إلى لفظ طول العنق من لفظ رد الرسل إلى لفظ الشجاعة، فلا جرم أن الأول يسمى إردافاً، والثاني يسمى تمثيلاً، لقرب الإرداف من لفظ المعنى، وبعد التمثيل من لفظه، وليس العجب من كون هذا الموضع أشكل على ابن رشيق، فإنه قد أشكل عليه ما هو أوضح منه، وإنما العجب كيف يمشي على ضياء الدين رحمه الله مع رجاحة عقله، وثقوب ذهنه، وسلامة حسه والله أعلم.