ولا رويه من أي الحروف، ولا حركة رويه من أي الحركات، فاستخراج عجزه ارتجالاً في غاية العسر ونهاية الصعوبة، لولا ما أمد الله تعالى به هؤلاء القوم من المواد التي فضلوا بها غيرهم، ومن حذق عبد الله بن العباس رضي الله عنهما ودقيق معرفته باختيار الكلام، جعله قافية للعجز الذي أتى بعد " أبعد " ولم يجعلها " أنزح " وكان ذلك ممكناً له، لكون " أبعد " أسرع ولوجاً في السمع، وأسبق إلى الذهن، وأدخل في القلب، وأكثر استعمالاً وأعرف عند الكافة، وبها جاء القرآن العزيز دون " أنزح " وهي أخف على اللسان، وأولى بالبيان، وربما اختلط التوشيح بالتصدير لكون كل منهما يدل صدره على عجزه.
والفرق بينهما أن دلالة التصدير لفظية، ودلالة التوشيح معنوية.
والفرق بين التوشيح والتمكين أن التوشيح لا بد أن تتقدم القافية معنى يدل عليها، ولا كذلك التمكين، ولا تكون كلمة التوشيح إلا في أول الصدر، وإن لم تكن كذلك فلا توشيح والله أعلم.