لو اقتصر على قوله تعالى:" فأنساه الشيطان ذكر ربه " لم تدل لفظة ربه إلا على الإله، فلما تقدمت لفظة ربك صلحت للمعنيين.
وأما ترشيح الاستعارة ففي قول بعض العرب طويل:
إذا ما رأيت النسر عز ابن داية ... وعشش في وكريه طارت له نفسي
فإنه شبه الشيب بالنسر لاشتراكهما في البيض، والشعر الأسود بابن داية، وهو الغراب لاشتراكهما في السواد، واستعار التعشيش من الطائر للشيب لما سماه نسراً، ورشح به إلى ذكر الطيران الذي استعاره من الطائر لنفسه، فقد رشح باستعارة إلى استعارة.
وأما ترشيح التشبيه فكقول النابغة الذبياني طويل:
إذا استنزلوا عنهن للطعن أرقلوا ... إلى الموت إرقال الجمال المصاعب
فإنه رشح بالاستعارة في قوله: أرقلوا إلى التشبيه في قوله: إرقال الجمال، فإنه تشبيه بغير أداة، وفحول النقاد تسمى هذا النوع من التشبيه استعارة، والله أعلم.