لتقديم ما بعده، لما فيه من الضمائر الظاهرة والمستترة التي متى أفرد لا يوجد فيه ما يعود عليه، فلا يكمل معناه الذي أخذه من بيت أبي تمام حتى يقدر تقديم العجز، فيصير تقدير البيت: نحن للأسياف كالخدم فاكتب بالأسياف قبل أن تكتب بنا، وحاصل هذا كله قول أبي تمام:
السيف أصدق أنباء من الكتب
فلم يرض أبو تمام أن يقول: السيف أصدق أنباء من القلم حتى قال: من الكتب التي لا تكتب إلا بالقلم، والدواة والقرطاس، والكاتب المطلق اليد واللسان والجنان فالحظ الفرق بين كلامه، وكلام المتنبي لتعلم مقدار ما بينهما.
وقد غاير ابن الرومي الناس في إبطال فائدة التناسي حيث قال خفيف:
ومعز عن الشباب مؤس ... بمشيب اللدات والأتراب
قلت لما انتحى يعد أساة ... من مصاب يشيبه ومصاب
ليس تأسو كلوم غيري كلومي ... ما بهم ما بهم وما بي ما بي
فإنه غاير القائل طويل:
ولولا الأسى ما عشت في الناس بعده ... ولكن متى ما شئت جاوبني مثلي