من النار، ولما علم أن أهل السعادة لا خروج لهم من الجنة، أكد خلودهم بعد الاستثناء بما يرفع احتمال الاستثناء، حيث قال:" عطاء غير مجذوذ " أي غير منقطع، ليعلم أن عطاءه لهم الجنة غير منقطع، وهذه المعاني زائدة على الاستثناء اللغوي.
من أمثلة الاستثناء البديعي في الشعر قول النميري طويل:
فلو كنت بالعنقاء أو بأطومها ... لخلتك إلا أن تصد تراني
فإن هذا الاستثناء يتضمن زيادة مدح المادح الممدوح، وذلك أن هذا الشاعر يقول: إنني لو كنت في حال العدم البحت لأن العرب تضرب المثل بالعنقاء لكل شيء متعذر الوجود لخلتك متمكناً من رؤيتي، ليس لك مانع يمنعك منها إلا من جهتك، فأنت في القدرة على غير مغالب، وهذا نهاية المدح.
وكقول أبي نواس طويل:
لمن طلل عاري المحل دفين ... عفا آيه إلا خوالد جون
فهذا الاستثناء تضمن تعظيم الشاعر لما فيه من تعظيم أحبائه، ودل على شرف نفسه وعلو همته، إذ لا يسمو إلا لحب الكرماء من الناس، وذلك أنه استثنى من آيات الطلل ذكره الخوالد الجون وهو يريد الأثافي، فكونه وصفها بالخلود يدل على عظمها دليل على عظم القدور، وعظم القدور دليل على عظم الكرم، وأكد ذلك بجعلها جوناً أي سوداً لكثرة الوقود عليها، وإن كان الجون يطلق على الأبيض والأسود