ومن التوهيم توهيم يوهم أنه طباق أو تورية، أو غير ذلك من المحاسن وليس عند التحقيق كذلك، كقول أبي تمام طويل:
تردى ثياب الموت حمراً فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر
فإن قوله: حمر، وخضر يوهم أن ذلك طباق، وليس بطباق، إذا الأحمر لا يضاد الأخضر، فهذا شاهد توهيم المطابقة.
وأما شاهد توهيم التورية، فكقولي بسيط
رمى ولا وتر عندي قوس حاجبه ... قلبي فقدرت أن القوس موتور
فإن لفظة موتور توهم أن فيها تورية، وليست بتورية، لأن الصحيح أن يقال: قوس موترة لا موتورة، لأنها من فعل رباعي، والموتور هو الذي ثار لطلب وتره، والوتر والترة والتار بمعنى.
وقد جاء من التوهيم في القرآن الكريم قوله تعالى:" ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم " فإن لفظ " غفور رحيم " يوهم أن الغفران والرحمة للمكره لهن، وهما في الحقيقة لهن، وإنما ظهر اللفظ يوهم الأول قبل التدبر. والله أعلم.