لما في لفظة حاشاك بعد ذكر الفناء من حسن الأدب مع الممدوح، وربما سومح بأن يجعل هذا البيت في شواهد التتميم لهذه الشبهة.
وأما الأول فمحض التكميل، ولا مدخل له في التتميم اللهم إلا أن يكون مرادهم بالتتميم تتميم الوزن، لا تتميم المعنى، فيجوز بهذا الاعتبار أن يسمى كل ماورد من الحشو الحسن سوءا كان متمماً للمعنى أو مكملاً تتميماً، لأنه به تم الوزن، ويكون من قسم تتميم الألفاظ، وما قدمناه من تتميم المعاني.
ومن مليح التكميل قول النابغة الذبياني في وصف حمار وأتان وحشيين طويل:
فإن هبطا سهلاً أثارا عجاجة ... وإن طلعا حزنا تشظت جنادل
فإنه لو اقتصر على وصف صلابة حوافرهما بالمشي في السهل كان المدح لهما غير كامل، حتى يصفهما بالمشي في الحزن، فلا جرم أنه لما أراد تكميل المدح وأوجبت عليه الصناعة أن يقول في عجز البيت: الحزن كما قال في صدره: السهل، فوصفهما بما يوجب لهما بلوغ الغاية في صلابة الحوافر هذا ما نقلته من كلام الناس على هذا البيت، وفيه ما فيه، لأن الاقتصار على وصفهما بالمشي في السهل، وهو يريد وصفهما بصلابة الحوافر، نقص تام في المعنى المراد، فبقية البيت على هذا تتميم لا تكميل.